نورما شاهين- بكت ام إلياس ليلة عيد الميلاد الماضي. بكت لأنها شعرت “بالوحدة والغصّة” فهي تُمضي ليلة عيد الميلاد لوحدها بالرغم من أنها أم لخمسة أولاد ولها ١٦ حفيداً جميعهم في الغربة. لم يكن أحد معها للاحتفال بالعيد، حتى أبو إلياس فقد قرر الذهاب تلك الليلة الى الكنيسة كي لا يشعر بالغصة، وبقيت زوجته وحدها في المنزل في #بصرما الكورة.
حين أخبرتني ام الياس(صديقة أمي) بذلك تأثرت كثيراً فحالها كحال معظم العائلات اللبنانية التي تعيش غصة غربة الأحبة. واليوم، أبكتني حين أخبرتني عن احتفال ذكرى زواجها الخمسين.
فقد تلقّت ام إلياس(هيلانة) وزوجها نقولا الحلو دعوة على العشاء من أخيها للاحتفال بذكرى زواجهما الخمسين، وكان من المقرر أن يأتي ابنها جوني من أبو ظبي للمشاركة في الاحتفال.
وصلت هيلانة مع نقولا الى المطعم المحدد. وما إن دخلا حتى علت الموسيقى، واستقبلهما أعضاء فرقة الزفة بالرقص والدبكة على أغنية “بوعدك يا كبيرة هاك البيت”. وضعوا تاجاً على رأسها ومشلحاً أحمر اللون على كتفيها وطربوشاً على رأس أبو الياس ودخلا كملك وملكة الى القاعة. تفاجأت بالزفة والورود وبوجود الأهل والأقارب وأبناء القرية في المطعم” تقول هيلانة ولكن “فتت بالجو ورحت أرقص مع الفرقة. وحين اقترب أحد أعضاء الفرقة ليراقصني نظرت إليه وإذا به جوني ابني. غمرته ورحت أرقص وإذ بابني بشارة يتقدم نحوي بلباس الفرقة أيضاً…لم أصدق عيني”. بشارة طبيب يعيش في الولايات المتحدة مع عائلته، فتحت له يداي وقبلته وهو “وقف يرقص الى جانبي ويحيطني بزراعيه خوفاً من أن أفقد وعي ولكنني تابعت الرقص وحين تقدمت ابنتي أديبة التي تعيش في أستراليا شعرت وكأنني في حلم حتى بعدما غمرتها وقبلتها ألف قبلة. ثم اقترب جيرار وعروسته وبعدهما ابني البكر إلياس الذي لم يزر لبنان منذ أكثر من ٩ أعوام.
أولادي الخمسة أمامي يرقصون حولي ومع أبيهم. شوفتهم بتساوي كنوز الأرض كلها. قلبي كبر، وفرحتي لا توصف. كما في الحلم رحت أقبلهم وأغمرهم وأراقصم الواحد تلو الآخر”. رقصت هيلانة ليلتها كما لم ترقص من قبل. حتى ليلة عرسها، فهي لم ترقص. “في ذلك الزمن كان عيب على العروس أن ترقص”. وتضيف هيلانة ممازحة” كان في العشاء ٣ رجال دين، ويوم عرسي كان في خوري واحد وكتير ختيار”.
دموع الفرح غسلت كل الحزن والغصّة من قلبها. واكتملت فرحتها حين قام أولادها بعرض فيديو على شاشة كبيرة في المطعم يتضمن معايدة أحفادها ال١٦ لها ولجدهم كلّ على طريقته. منهم من غنى لها ورقص، ومنهم من عزف على آلة موسيقية أو وجه كلمات كلها تقدير لجدّة زرعت الحب في قلوب الجميع وها هي اليوم تحصد أكثر مما زرعت.
٧٠ شخصاً من الأهل والأقارب والأصدقاء شاركوا أم وأبو الياس فرحتهم، بكوا ورقصوا معهما ومع أولادهم الخمسة طيلة تلك الليلة.
ليلة من العمر غمرت قلب “كبيرة هاك البيت” فرحاً وفخراً وحباً.
الله يطول بعمر ام الياس وأبو الياس ويخليكن تاج على راس هالعيلة المحبة.