نورما شاهين- للخبز حكايات وذكريات خاصة لدينا. ومشهد امرأة تخبز على الصاج أو التنور يحملنا الى الماضي البعيد، الى بيت الجدة في القرية، بيت تفوح منه رائحة الخبز والبخور.
لمحت مؤخراً امرأة تخبز على التنور على جانب الطريق العام بين بدبا وبطرام، وكان لا بد من التوقف. فمثل هذا المشهد بات نادراً جداً، حتى في قرانا، ولم يبق منه سوى بعض الصور الجميلة في الذاكرة.
روعة ويحيى الأحمد من وادي خالد يقومان يومياً بخبز حوالي ٢٠٠ رغيف من خبز التنور. التنور موجود في كل بيت في وادي خالد، يقول يحيا ولكن امرأة واحدة فقط لا تزال تخبز عليه حتى اليوم.
لا أحد يتوقع عدد الأشخاص الذين توقفوا لأخذ أكثر من ربطة خبز أثناء تواجدي، كلّ لأسبابه الخاصة. فالشاب السوري يأتي يومياً لأخذ خبز التنور، خبز يذكره بقريته المدمرة والقابعة هناك وحيدة في انتظار عودة أبنائها. “طيّب خبز التنور؟” أسأله “ما في أطيب وما مناكل غيرو” أجاب مبتسماً.
أما السيد شفيق حيدر من دير بلا فتوقف لأنه مشتاق الى مثل هذا المشهد، وراح يتأمل مراحل انتقال الخبز من العجين الى الرغيف المقمّر وفي عينيه الكثير من الحنين.”بتحب خبز التنور؟” أجاب “أشعر وكأنني في منزل جدتي، رزق الله على هيديك الايام، ستي راحت وبقي التنور،بس ما حدا بيعرف يستعمله.”أما زوجته، فقامت بتذوق الخبز لأول مرة، ووجدت طعمته مميزة لاسيما مع “صحن لبنة بلدية وزيت وزيتون”.
مما لا شك فيه أن في ذلك المكان سحر خاص، تنور وحطب، جاط عجين وشوية طحين مشهد طبيعي وفريد يجذب العديدين، منهم لاسترجاع بعضاً من ذكريات الطفولة ومنهم لاكتشاف سر هذا الرغيف وطعمته وهو في آخر طريقه نحو الزوال.