نورما شاهين – في اليوم العالمي للكلى، استيقظ حسين في الثالثة فجراً وأخذ ثلاث وسائل نقل ليصل الى مستشفى الكورة. حسين عمره ١٣ عاماً، يأتي ٣ مرات في الاسبوع من بلدة بعيدة في عكار الى مستشفى الكورة ليخضع لغسيل الكلى.
حسين يأتي وحده. لا احد يرافقه، ولا يد تمسك به حين يعود تعباً بعد الغسيل. لكنه ليس بحاجة الى أحد، فهو صديق الجميع في المستشفى، أطباء وممرضين وممرضات حتى أنه يهتم بالمرضى الذين يخضعوا لغسيل الكلى معه، يساعد كبار السن منهم للانتقال من السرير الى الكرسي، ويناول الغطاء لمن يشعر بالبرد. كما أنه بات صديق أصحاب المحال التجارية المحيطة بالمستشفى، فهو عندما يشعر بالدوخة أو الإرهاق بعد العلاج يتوقف عند إحدى المحال ليرتاح.
بطل ابن الثلاثة عشر عاماً، يترك منزله فجراً ولا يعود حتى المساء وحيداً. بطل يعرف كيف يحمي نفسه من أولاد الحرام الذين يحاولون التحرش به على الطريق فيسارع الى ابراز يده قائلاً “شوفو أنا مريض”.
بطل اضطر يوماً أن يجري عملية فدخل إلى غرفة العمليات وحده. لم يمسك بيده الصغيرة أحد من أهله، بل كانت في انتظاره إحدى المرضى التي قدمت خصيصاً للوقوف الى جانبه.
حسين يملك قلباً مُحباً وشجاعاً يساعده في تخطي مشاكله الاجتماعية والصحية.
ولالقاء الضوء على أهمية الحملة الوطنية للوقاية المبكرة من أمراض الكلى التي أطلقتها وزارة الصحة العامة والجمعية اللبنانية لأمراض الكلى والضغط تحت شعار “إحمي كلاويك اليوم كرمال صحتك بكرا”، قمنا بالاتصال بمسؤول قسم الكلى في مستشفى الكورة الدكتور طارق صادق الذي يتابع وضع حسين الصحي.
ذكر الدكتور صادق أن المشاكل في الكلى قد تكون وراثية وتظهر في الصغر، كما حصل مع حسين، ولكنه مرض يتسلل بصمت، إذ لا تظهر عوارضه في المراحل الأولى بل تشتد في المراحل الأخيرة مثل: الشعور بالتعب والإرهاق،ارتفاع ضغط الدم، تأخر في النمو، فقر الدم وغيرها. كما أن المصابين بداء السكري وارتفاع ضغط الدم هم عرضة للإصابة بمرض القصور الكلوي، لذا ينبغي إجراء الفحوصات اللازمة بشكل دوري.
يُذكر ان الحملة تتوجه برسائل بسيطة لكن مهمة الى اللبنانيين عموماً، وأهالي الأطفال خصوصاً مشددة على أهمية ممارسة الرياضة، وشرب الكثير من الماء،
لإزالة السموم والأملاح عن طريق التبول، وتفادي استهلاك السكر والملح بطريقة مفرطة، والإقلاع عن التدخين، والامتناع عن تناول الأدوية من دون استشارة الطبيب.
ولتوسيع دائرة انتشار الرسالة التوعوية الأساسية لتصل إلى أكبر عدد ممكن من اللبنانيين والمعنيين، وإحداث تغيير إيجابي في حياة الكثيرين، عمدت الجمعية اللبنانية لأمراض الكلى والضغط بالتعاون مع ٧٠ مستشفى في مختلف أنحاء لبنان إلى تنظيم سلسلة من الأكشاك الطبية التفاعلية لتوعية الرأي العام، وتسليط الضوء على أهمية التشخيص المبكر من خلال تقديم اختبارات مجانية لضغط الدم، وتوزيع النشرات والكتيبات والمواد التعليمية الأخرى.
“إحمي كلاويك اليوم كرمال صحتك بكرا.”