نورما شاهين – دخلَت الصيدلية مُبتسمة. فقد أعجبتها مفاجأة ابنتها لها بمناسبة عيد الأم: عناية بالبشرة والشعر من قبل أخصائية التجميل. كم راقت لها هذه الهدية،
وكم جذبتني هذه السيدة الثمانينية بوجهها المشرق واهتمامها بجمالها بالرغم من سنها.
يبدو أنك تحبين الإهتمام بجمالك قلت لها، أجابت “عمري ٨٣ عاماً”، ودقّت على الخشب، “عندي ٨ أولاد و٢٧ حفيداً. ودائماً أجد الوقت للإهتمام بنفسي”. قلت يبدو الأمر بغاية السهولة، كيف ذلك؟ وضعت السيدة ماري الفاضي العصا من يدها جانباً مؤكدة أنها ليست بحاجة إليها، ولكنها تحملها نزولاً عند رغبة أولادها فقط وقالت “الحياة تدبير وإدارة. كان زوجي يعطيني ١٠ ليرات مصروف بيت في الأسبوع، وكنت أُصمِّد ليرة أو اثنتين، وكلما جمعت ١٥ ليرة كنت أشتري لنفسي شيئاً جديداً. وأضافت بالفرنسية Il faut savoir vivre.
إهتمي بزوجك وأولادك ولكن لا تنسي نفسك. الست اليوم بتجيب ولد أو اثنين وبتضل معجوقة ومخفوقة ومش ملحقة. الأمر بسيط، نظمي وقتك، وأهم شيء يكون عندك هواية، شيء يشغل تفكيرك غير الطبخ والنفخ.”
تتوقف عن الكلام معي لتسأل أخصائية التجميل عن المستحضر الذي تستعمله وفوائده.
ثم تعود لتخبرني عن هواياتها التي تنوعت واختلفت حسب الظروف. “القناعة أهم شيء. لما كانوا اولادي صغار كنت إشتغل صوف وحضرهم ثياب الشتاء. ولما كبروا كنت أمضي أوقات فراغي بقراءة الكتب والقصص باللغة الفرنسية. لم يكن أحد يدق بابي بين الساعة الثانية والرابعة من بعد الظهر. كان الوقت مخصصاً لتدريس أولادي. ولكن بعد ذلك، كنت أجتمع مع جيراني وصديقاتي للعب بالورق. كتير مهم تغيير الجو.”
مازالت السيدة ماري تجتمع مع رفيقاتها للعب بالورق من وقت لآخر. وهي تنزعج عندما ترى أحفادها غارقين بالألعاب الألكترونية، فتدعوهم للعب معها بالورق، كما أنها تمضي أوقاتاً ممتعة مع حفيداتها وتضطلع منهن على كل ما هو جديد في عالم الموضة والعناية بالجمال.
وعندما سألتها إن كانت ترغب في توجيه رسالة لأمهات اليوم قالت طبعاً “أنجبن أكثر فالخليفة بتجوهر المرأة، وخففن من الdelivery. ما في أطيب من أكل البيت”.
كل شيء يبدو في غاية السهولة لدى هذه السيدة الأنيقة، وكما دخلت الصيدلية مبتسمة خرجت تاركة وراءها سحراً وفرحاً.
كل عام والأمهات يملأن الحياة حباً وجمالاً.