نورما شاهين- لمنطقة “تحت الريح” أنفه سحر خاص بها يشعر به كل من يقصدها للاستمتاع بمياهها والاستلقاء على صخورها أو الاسترخاء في إطار أبيض وأزرق بسيط ورائع. ولعل هذا السحر هو الذي حول هذه البقعة من مجرد ملتقى يجمع العائلات الأنفاوية بعفوية للتمتع بالسباحة والصيد وقضاء أوقات ممتعة الى قبلة يقصدها اللبنانيون والسياح بشكل لم تشهده المنطقة من قبل.
قمت بزيارة تحت الريح عند الثامنة صباحاً. فعدد الزوار المرتفع والمتزايد يعكس بوضوح مدى إعجابهم واستمتاعهم بسحرها، لكنني أردت معرفة تأثير هذه الفورة على تلك البقعة المميزة والاطمئنان عليها.
بدت منطقة تحت الريح هادئة وجذابة بالأزرق والأبيض، بمشهد الصيادين والسبّاحين من نساء ورجال البلدة، بشبابيكها وأبوابها الخشبية، بهدوء ذلك المسن الذي يرتشف القهوة ونظره يسرح في الأزرق البعيد. بدت متألقة بالنسبة لي، فهي زيارتي الأولى لها بعد ٢۰ عاماً. كانت أكثر بساطة آنذاك ولكنها اليوم ازدادت جمالاً وجاذبية. أرجوحة هنا تتمايل مع نسيم الصباح العليل، كرسي للاستلقاء هناك، مجموعة من قبعات القش، دواليب البحر والعديد من القوارب الملونة تدعوك للابحار والمغامرة.
كان لا بد من دردشة صباحية مع الزوار المبكرين مثلي. جميعهم من أبناء أنفه، عشّاق السباحة في مياهها. قصدوها باكراً قبل “اجتياح” الزوار لمنطقة لم تستقبل الا أهلها وأصحابهم على مدى سنين طوال. لكن “ما فينا نمنع حدا من زيارة هالجنة” على حسب تعبير أحدهم متأملاً فرض القوانين لضبط بعض المخالفات التي تسبب أحياناً المشاكل والانزعاج لأصحاب الشاليهات. وتحدث البعض عن الحركة الاقتصادية التي طالت كل البلدة من أصغر دكان الى أطيب مطعم يقدم المأكولات البحرية والى تحويل بعض الأبنية الأثرية الى بيوت ضيافة ذات طابع فريد ومميز. وتطرق أحدهم الى ضرورة تدخل المجلس البلدي وتعاونه وتنسيقه مع أصحاب الشاليهات والمطاعم وتأمين عناصر الشرطة للمحافظة على نظافة الشاطىء وحقوق وحرية أهالي البلدة.
مطالب وتمنيات عديدة أطلقها أيضاً محبو منطقة تحت الريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي والراغبين في استمرار هذه الفورة السياحية والاقتصادية، لعل أبرزها تأمين مواقف للسيارات، استحداث حمامات عامة، تنظيم المطاعم، دعم وتشجيع النشاطات الرياضية البحرية.
سحر شاطئ تحت الريح قد يرفع بلدة أنفه فوق الريح وذلك واضح جداً ولكن استمرار هذا الوضع يفرض تعاون أهلها وبلديتها وحرصهم على المحافظة على نظافتها وتراثها .
هنيئاً لبلدة أنفه ولمزيد من الازدهار والتقدم.