نورما شاهين- أراد البحث عن جذوره فقام بزيارة بلدة لا يعرف عنها سوى ما أخبره به والده، وما رسمته مخيلته من صور ومناظر. سمع الكثير عن بساتين الزيتون والقرية والأهل والجيران في بصرما الكورة لدرجة أنه أحس البلدة مألوفة خلال زيارته الأولى لها. إنها قصة المهندس إلفيس علم، ابن الجيل الثالث من عائلة انطونيوس العلم، الجَد الذي هاجر من بصرما الى جمهورية الدومينيكان منذ أكثر من مئة عام وانقطع انقطاعاً شبه كامل عن العائلة في الوطن.
قام إلفيس برحلة البحث عن الجذور لاسترجاع ما قد فَقده في الغربة وروى قصة زيارته في كتاب أصدره باللغة الإسبانية في الثالث من آذار الجاري في سانتو دومينغو تحت عنوان “بين قِصتَي حب، حكاية مسافر الى لبنان”. تحدث عن شعوره بالانتماء لدى وصوله الى لبنان وعن بساتين الزيتون وما تركته في نفسه من مشاعر وكتب عن يوم زيارته الأولى للكورة فقال أنه “كلما تقدمت السيارة باتجاه بصرما، تجددت أحلامي باكتشاف ما آمل به. كنت أحدق في عمق بساتين الزيتون، باحثاً عن شيء ما بين أغصانها. وشعرت بانجذاب رائع لتلك الأرض”. وشرح أن مهمته لم تكن سهلة، كان قد مرّ مئة عام على مغادرة جده البلدة، حتى كبار السن في البلدة لم يتذكروا جده. عاد إلفيس خائباً الى الفندق في اليوم الأول ولكنه ما لبس أن تلقى اتصالاً من شخص عرف بزيارته لبصرما وتربطه بجده قرابة مباشرة. عاد في اليوم الثاني الى البلدة حيث كان في انتظاره مجموعة من الأشخاص على درجات متفاوتة من القرابة بينهم رجل ذات ابتسامة واسعة وشَبَه استثنائي لجده فعرف فوراً أنه المتصل.
كانت هذه المرة الأولى التي يزور فيها لبنان ويتعرّف على مدنه ومناطقه الأثرية، لكنه كان يجهل يومها أنه سيعود بعد عدة سنوات ويلتقي برفيقة دربه في المدينة التي أحبها زحلة والتي قرر أن يزورها ثانية، فكان اللقاء والنصيب.
روى إلفيس في كتابه قصصاً وحكايات جمعها على مدار عمره، تحدث عن رحلة عائلة علم في الاغتراب منذ بداية هجرة جدّه وجدّته، كيف غادرا قرية بصرما في الكورة خلال الاحتلال العثماني قاصدين جمهورية الدومينيكان التي لا يعرفان عنها سوى أنها نهاية رحلة ” البابور” وشاطئ أمين يتحدثان فيه بحرّية حتى من دون أن يعرفا لغتها. وصف علم في أحد فصول كتابه حياة اللبنانيين المغتربين في سانتو دومينغو الذين جمعتهم الغربة والحياة الجديدة، وكيف تعلّم عادات وتقاليد وطنه الأم من أهله وأقاربه الذين “كانوا يلتفون على بعضهم البعض، يعيشون بمحبة وإلفة كي يكسروا جدار الغربة والحنين”.
محطات ومغامرات ثقافية وإجتماعية رواها علم في كتابه، كان أهمها نشاطه البارز في تنظيم رحلات للمغتربين اللبنانيين في الدومينيكان الى لبنان ليتعرفوا على مسقط رأس أجدادهم. محطات وذكريات جميلة رواها الكاتب وهي بمثابة وثائق تحفظ ذاكرة الإغتراب اللبناني في الدومينيكان الباحث عن هويته الأصلية.
ويعرب إلفيس عن رغبته في ترجمة كتابه الى اللغتين العربية والإنكليزية كي يكون بمتناول أصدقائه اللبنانين.
بين إلفيس ولبنان قصتي حب ترجمها في كتاب.