نورما شاهين- صوَّر بلدته الحبيبة أنفه في كل وجوهها وقدمها لنا في أبهى حالاتها. كتب عنها أرقى الكلمات ووصفها بأجمل العبارات. أنفه البحر والمراكب والصيادين. أنفه الأديرة والكنائس والمواقع التاريخية. أنفه التلال والمغاور ومباني الحجر الرملي والقناطر.
نفض عنها غبار التاريخ ليظهر ما خبأته أجيال وشعوب استقرت ردحاً ثم رحلت تاركة خلفها بصمات العصور.
هو واحد من محبي أنفه الكثر وتراثها العريق. المهندس جرجي ساسين، “منارة أنفه الثقافية” في نظر الانفاويين. ومن شدة ما أحب بلدته، “نذر نفسه ﻹبراز معالمها اﻷثرية منذ عقود” تقول رئيسة “هيئة تراث أنفه وجوارها” السيدة رشا دعبول مشيرة الى أنه “وقف مدافعاً عنها في وجه التعديات في ظروف صعبة لم تكن وسائل التواصل اﻹجتماعي موجودة لدعمه في نضاله كما اﻵن”. وتضيف “أن مفهومه لحماية التراث طال اﻹرث الحجري الملموس وغير الملموس من عادات وتقاليد، إضافة إلى جهوده الجبارة في إبراز أهمية الإرث الطبيعي ﻷنفه وتنشيط السياحة البيئية باﻹمكانيات الموجودة. وهو بفضل نضاله الثقافي التراثي الطويل معروف لدى البعثات اﻷثرية المنقبة في أنفه.”
وتختم “أحلام الاستاذ جرجي متوجهة دائماً ﻹبراز أنفه أثرياً فهي بالنسبة اليه جوهرة أثرية على المتوسط ﻻ بد من صقلها.”
هو عاشق لأنفه ولسحرها كما يبدو واضحاً من خلال الصور التي يلتقطها لبحرها وآثارها وأهلها. ورث عن والده شغف التصوير فنقلت صوره علاقة البحر بالبر، علاقة الانسان بالطبيعة وعلاقة الماضي بالحاضر. هو العين الساهرة على تاريخ أنفه وعلى جمالها وسحرها بدء العمل ولم يزل مع” هيئة حماية البيئة والتراث في الكورة وجوارها ” وتابعه من خلال “هيئة تراث أنفه وجوارها” و” لجنة مهرجانات أنفه” وبالتعاون مع سائر هيئات المحتمع المدني بالتنسيق مع البلدية وسائر الدوائر الرسمية والمراجع الاكاديمية في المنطقة والوطن والمهجر لابراز عراقة بلدته الحبيبة.
نظَّم الاستاذ جرجي “دروب نزهة” تمتد على طول الشاطيء وبموازاته في الحارات القديمة أو أبعد شرقاً عند سلسلة التلال والمغاور وعند كل منعطف فيها محطة يتوقف عندها الزائرون من كل المناطق اللبنانية:
عند آثار القلعة وأساسات ومباني الحجر الرملي العتيق، تحت قناطر وشرفات الزهور والعرائش
وعند الجدران البيضاء والشبابيك الملوّنة بالأزرق والأخضر والخشبي.
هنا مزار، وهناك كنيسة، وهنالك أجران ملح في الصخور أو مقاطع الحجر العتيقة.
هنا جلس عشّاق خلسة، وهناك استلهم شاعر إنتظار الأفق، وهنالك مرت جيوش عسكرت أو عبرت ومضت،
وفوق الصخور مغاور نحتها البحر منذ مئات ألوف السنين حين كان فوق.
وعلى سكة الحديد ودرب العين غدت الصبايا.
وعلى مساطب البيوت العتيقة المرمّمة تستقبل أنفه الضيوف، على مائدة وسرير .
وأما البحر فله الحصة الأكبر على كامل أمتداد الساحل وفي الأعماق. حيث كانت مراسي المراكب تحضنها منذ زمن الجدود وحتى اليوم فتعمل على صيد الأسماك ، وحماية المصائد البحريّة، وإعادة نمو التوتيا والاسفنج وثمار البحر المفقودة.
وعلى البرّ يتم إحياء معاصر الزيت والخمر ، وحفظ كروم الزيتون والعنب وكل ما يجتمع تحت عنوان ” السياحة البيئيّة التراثيّة الثقافيّة والدينيّة”.
وعن المشاريع المستقبلية المتعلة بأنفه يقول “يبقى أن نقيم متحفاً للملح، الذهب الأبيض المميز عندنا، ونحيي الملاحات ودواليب البحر والمتحف الأثري والإتنوغرافي المحلّي، ومتحف تحت أعماق البحر.
كما أننا سنحاول مع محبي أنفه الكثر بلورة رؤيا مستقبليّة لتنمية مستدامة تعتمد على معطياتنا القائمة أو الممكنة. كل هذا لا يستقيم بدون بيئة نظيفة، بحراً وبرّا وجوّاً وتحقيق ما يتتطلبه ذلك تنظيميّاً وقانونياً وإجرائيّاً.”وختم قائلاً “يطول الكلام ولا تنتهي الأحلام فيحقّ لنا أن نحلم ونسعى”.
المهندس جرجي ساسين “منارة أنفه الثقافية” لك منا كل الاحترام والتقدير والله يكتر من أمثالك، فكل قرية في الكورة بحاجة الى عين ساهرة وقلب محب ومعطاء كقلبك.