نورما شاهين- Koura.org- يجلس أبو نزيه على الكرسي وعيناه الزرقاوان لا تفارقان “الكركي”. يشرف على مراحل استخراج العرق بدقة ويعطي النصائح والتعليمات.
جلسة الكركي هذه السنة مميزة جداً بالنسبة إليه، فابنه البكر يساعده ويوانسه. عادة كان نزيه يساعد في قطف العنب وعصره لكنه لم يتمكن من المشاركة في استخراج العرق لسنوات طوال لاضطراره الى السفر مع أولاده مع بدء العام الدراسي والعودة الى العمل.
“جلسة عائلية وقروية بامتياز. فيها الكثير من اللذة والسحر” يقول نزيه. ينظر الى والده ويبتسم. هو فخور بقدرة والده على ملاحقة أدق التفاصيل وإعطاء التعليمات بحزم. ممنوع الغلط معه فلديه خبرة أكثر من سبعين عاماً في استخراج العرق.
يسترجع أبو نزيه بحنين جلسات الماضي البعيد. حينها لم يكن في بلدة بدبا سوى ثلاث كركات. يستخدمها الأهالي بالدور. كانت كل عائلة تساعد الأخرى.
وتتذكر شقيقة أبو نزيه السيدة صويلا كيف كانت تتحول عملية استخراج العرق الى سهرات سنوية مميزة. “كنا نستيقظ عند الرابعة فجراً ونبقى حتى ساعة متأخرة من الليل. كان رجال البلدة يصطادون “الغريرات” ويجتمعون عند من يستخرج العرق فتحلو الجلسة مع المشاوي والغناء والتسامر. كانت الجلسات تتنقل من بيت الى آخر ويشارك أبناء البلدة بالمهنة ويتعاونون.”
تؤكد السيدة صويلا على أهمية تحضير المونة بالرغم من وجود كافة المأكولات في الأسواق اليوم فهي تحرص على تحضيرها بنفسها كل عام وعلى اختلاف أنواعها من عرق، تين بسكر، تين مهبل، دبس الرمان، خل وزبيب.
أبو نزيه يريد تذوق العرق. يأخذ الكأس يتأمل لونه ويتنشقه قبل وضعه على فمه. نقطة واحدة لا أكثر كانت كافية لرسم ابتسامة الرضى على وجهه.
لك دوام الصحة وطول العمر أبو نزيه.